الذكتور محمد راتب النابلسي

بسم الله الرحمن الرحيم

معنى البذاءة :
اليوم مع موضوع البذاءة، فالبذاءة اصطلاحاً هي التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة .
بالمناسبة :

لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه
[أحمد]
خطورة آفات اللسان :
وقد عدّ بعض العلماء من آفات اللسان ما يزيد على عشرين آفة :
وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً
[الترمذي]
السيدة عائشة وصفت أختها صفية بأنها قصيرة فقال عليه الصلاة والسلام :
يا عائشة، لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته
[أبو داود]
المؤمن طاهر اللسانِ :
إخوتنا الكرام لا شك أن من أخص خصائص المؤمن طهارة لسانه، انضباط لسانه، لا يمكن أن يكون المؤمن فاحشاً في كلامه، فالفحش والبذاءة، والمزاح الرخيص والمزاح الجنسي، والكلام الملغوم والتعليقات المستقبحة، والفجور لا يمكن أن تكون في المؤمن، فإن كانت فهناك شك في إيمانه .
حقيقة بذاءة اللسان :
بذاءة اللسان أن تسمي الأشياء المستقبحة بأسمائها الصريحة، أن يكون المزاح جنسياً، أن تسمى العورات بأسمائها، أن يكون السباب بالعورات، أن يكون التعليق قاسياً، أن يكون الكلام ملغوماً، أن تستخدم الكنايات في الأمور الجنسية، أؤكد لكم أن هذا ليس من صفات المؤمن، المؤمن طاهر اللسان .
الباعث على بذاءة اللسان :
يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى :
إن السب والفحش وبذاءة اللسان مذمومة ومنهي عنها، ومصدرها الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق
يا أيها الإخوة الكرام، يجب أن تنتقي أصدقاءك كما تنتقي أغلى شيء في حياتك، تجلس مع أصدقاء مهذبين منضبطين، لا تستمع إلى كلمة بذيئة، أما لو صحبت الأراذل ترذل معهم .
الآيات القرآنية المصرِّحة بذمّ بذاءة اللسان :
أيها الإخوة الكرام، الآن من الآيات التي فيها ذم للبذاءة :
الآية الأولى :
(لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ)
[سورة النساء : 148]
الآية الثانية :
(وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ)
[سورة النور : 16]
الأحاديث النبوية المصرِّحة بذمّ بذاءة اللسان :
الحديث الأول :
لذلك ورد في بعض الأحاديث أن :
الحياء والعي شعبتان من الإيمان
[الترمذي عن أبي أمامة]
الحياء الارتباك بالكلام إذا كان الموضوع حساسا، موضوعا حميميا، الارتباك بالكلام ميزة بالإنسان،
الحياء والعي شعبتان من الإيمان
صريح يتكلم عن الحادثة بألفاظها البشعة، بلا مواربة، ولا بخجل .
الحديث الثاني :
الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء ـ من البعد عن الله، والجفاء في النار
[الترمذي عن أبي هريرة]
الحديث الثالث :
ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء
[الترمذي عن ابن مسعود]
الحديث الرابع :
وما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء
[الترمذي عن أبي الدرداء]
يبغضه .
أنت أمام فضيلة عالية جداً، أن تجعل لسانك نظيفاً .

بذاءة اللسان دليل على قلة الدين وضعف الإيمان وخبث النفس :
لاشك أن بذاءة اللسان دليل ضعف الإيمان وقلة الدين، وأن بذاءة اللسان دليل خبث الطوية، وأن بذاءة اللسان يسبب قلة الأصحاب، وبعد الأهل والأحباب، وأن بذاءة اللسان يحتاج صاحب اللسان البذيء إلى أن يعتذر كثيراً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :
إياكم و ما يُعتذر منه
[الجامع الصغير عن أنس]
بذاءة اللسان تؤدي إلى الهوان على الناس، بذاءة اللسان دليل قلة الحياء، بذاءة اللسان تؤدي إلى الفحش والفاحشة في المجتمع وبين الناس، طبعاً إذا انتشرت الفاحشة هانت على الناس، قال تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ)
[سورة النور : 19]
إيّاكم وأدب وفن الانحطاط :
هناك بالفن والأدب، الأدب فن من أرقى الفنون، هو التعبير المثير عن حقائق الحياة، وهناك مقولة أنه يمكن أن تصور الرذيلة، لا مانع، وهناك قصص تصف انحطاط الإنسان، لكن الشرط أن تُصور الرذيلة على نحو نشمئز منها، فإذا صورت على نحو نعجب بها ينهار مجتمع بأكمله، الأعمال الفنية الآن القصص، التمثيليات، حينما تُظهر الانحراف الأخلاقي على أن صاحبه مستمتع بالحياة هو الذي يعيش على هوى نفسه، وقد تأتي الموعظة بكلمة تقال في آخر المشهد، لكن طوال المشهد صورت هذه الرذائل على نحو نعجب منها، فإذا صورت الرذائل على نحو نعجب بها فإن مجتمعاً بأكمله قد ينهار، لذلك قالوا :
إذا قرأت قصة أو قصيدة أو حوارية أو مسرحية، و شعرت أنها حركت مشاعرك العليا وتفكيرك المرتفع فأنت أمام فن رفيع، أما إذا لم تحرك إلا التافه من مشاعرك والمنحط من تفكيرك فأنت أمام فن رخيص .

والحمد الله رب العالمين