أهمية الإيمان

إن أفضل الأعمال عند الله وأزكاها هو الإيمان؛ لما رَوى أبو ذر رضى الله عنه من سؤاله لرسول الله ﷺ بقوله " يارسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال ﷺ: الإيمان بالله والجهاد في سبيله" (رواه مسلم) وهو سبب للهداية والسعادة الدنيوية والأخروية، لقوله جل وعز{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] والإيمان صارف للمؤمن عن المعصية، لقوله جل وعز{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] الإيمان شَرط لقبول العمل، قال الله تعالى{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] ،فالإيمان الخَالِص يُبارك الله به العمل، ويتقبل به الدعوات.



بلاغ عام





Image

الاعتقاد الصحيح السليم في أسماء الله وصفاته

الاعتقاد الصحيح السليم في
أسماء الله وصفاته
https://i.ytimg.com/vi/D_0XAPjXkgc/maxresdefault.jpg
السؤال:
(فقد تناول فيه آيات الصفات وأحاديثها ، وأنها تمر كما جاءت , دالة على معانيها اللائقة بجلال الله , من غير تأويل ولا تكييف , وهذا هو الوارد عن السلف في آيات الصفات أنهم قالوا : أمروها كما جاءت , دالة على معانيها . فتفويض السلف هنا , هو تفويض كيفٍ لا معنى . أعني : أن السلف يثبتون لله الأسماء والصفات دالة على المعنى العربي المخاطب به العربي الصحيح العاقل لمعاني الكلام مع التصريح بوجود الكيف ، مع جهلنا به كما ورد عن أم سلمة  رضي الله عنها ،  والإمام مالك رحمه الله ،  لما سئلا عن صفة الاستواء فقالا :
الاستواء معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة .) وهناك من الأشاعرة من يقول ليس لله يد أو عين .. لأنه تعالى لم يقل: لي يد أو لي عين , كما قال سميع بصير, فنحن نثبت السمع والبصر ولا نثبت اليد أو العين..       
 
(أرجوا منكم شرح هذا الكلام بشيء من الإسهاب..) وشكرا
 
الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 
فاعلم يا أخي المسلم أن موضوع آيات الصفات وأحاديثها قد ضل فيه كثير من أهل القبلة، وهدى الله فيها أهل السنة والجماعة من السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان، حيث إنهم اعتقدوا أن لله سبحانه وتعالى أسماء حسنى وصفات عليا، كما قال تعالى: [وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا] (الأعراف: 180) فهم يؤمنون بها وبأن لها معاني حقيقية لائقة بجلال الله سبحانه، وأن صفات الله لها كيفية لا نعلمها، وهم يثبتون ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل هو سبحانه كما أخبر عن نفسه: [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ] (الشورى: 11). فاشتملت هذه الآية على إثبات الصفات لله عز وجل، ونفي المماثلة والمشابهة للخلق في صفاته.
قوله (إنها تمر كما جاءت ...) يعني أمروها بلا كيف ولا نتعرض لكيفيتها لأنه لا يعلم كيفيتها إلا الله عز وجل، قال الطحاوي: نمرها كما جاءت ونؤمن بها ولا نقول كيف وكيف.
هذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
وقوله: (دالة على معانيها اللائقة بجلال الله من غير تأويل ولا تكييف) يعني أن صفات الله عز وجل تدل على معاني تليق بجلال الله وعظمته، فمثلاً يقول الله تعالى: [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى] (طه: 5). فصفة الاستواء لها معنى ثابت وهو العلو والفوقية والاستقرار على الشيء، تقول: استوى الرجل على سطح البيت، أي علا واستقر فوقه، والله عز وجل عال على عرشه، بائن عن خلقه.
 وإثبات صفات الله عز جل على الوجه اللائق به يستلزم نفي أربعة أشياء، كما جاء ذلك في كتاب "العقيدة الواسطية" حيث قال: ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصف به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
وهذه الأربعة هي كالتالي:
الأول: التأويل بمعنى التحريف، كما عبر به شيخ الإسلام، وهو أولى لوجوه:
الوجه الأول: أنه اللفظ الذي جاء به القرآن. قال تعالى: [يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ] (النساء: 46) والتعبير الذي عبر به القرآن أولى من غيره، لأنه أدل على المعنى.
الوجه الثاني: أن التأويل ليس مذموما كله، قال تعالى: [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ] (آل عمران: 7).
فامتدحهم بأنهم يعلمون التأويل. فالتأويل قد يكون ممدوحا، وقد يكون مذموما، بخلاف التحريف فكله مذموم، ولأنه أشد تنفيرا عن هذه الطريقة المخالفة لطريق السلف.
الثاني: التكييف: وهو أن تذكر كيفية الصفة، ولهذا نقول: كيَّف يكيّف تكييفا، أي ذكر كيفية الصفة، والتكييف يسأل عنه بـ (كيف) فإذا قلت مثلا: كيف جاء زيد؟ تقول: راكبا إذا كيفت مجيئه.
وأهل السنة والجماعة لا يكيفون صفات الله مستندين في ذلك إلى الدليل السمعي، والدليل العقلي.
أما الدليل السمعي، فمثل قوله تعالى: [قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ] (الأعراف: 33) والشاهد في قوله: [وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ]  فإذا جاء رجل وقال: إن الله استوى على العرش على هذه الكيفية ووصف كيفية معينة، نقول: هذا قال على الله ما لا يعلم، هل أخبرك الله بأنه استوى على هذه الكيفية؟ لا، أخبرنا بأنه استوى ولم يخبرنا كيف استوى، فنقول هذا تكييف، وقول على الله بغير علم.
وأما الدليل العقلي: فكيفية الشيء لا تدرك إلا بواحد من أمور ثلاثة لم تتحقق عندنا، فصفات الله عز وجل لم نشاهدها، ولم نشاهد لها نظيرا، ولم يأتنا خبر صادق عنها، لا من ربنا ولا من نبينا صلى الله عليه وسلم.
ومعنى قولنا: (بدون تكييف): ليست معناه ألا نعتقد لها كيفية، بل نعتقد لها كيفية؛ لكن المنفي علمنا بالكفية، لأن استواء الله على عرشه لا شك أن له كيفية لكن لا تُعلم، نزوله إلى السماء الدنيا له كيفية لكن لا تعلم، لأنه ما من موجود إلا وله كيفية لكنها قد تكون معلومة وقد تكون مجهولة.
الثالث: التعطيل: ومعناه التخلية والترك، كقوله تعالى: [وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ] (الحج: 45).  أي مخلاة متروكة، والمراد بالتعطيل المنفي عن صفات الله عز وجل هو إنكار ما أثبت الله لنفسه من الأسماء والصفات، سواء كان ذلك بتحريف أو بجحود، هذا كله يسمى تعطيلا، فأهل السنة والجماعة لا يعطلون أي اسم من أسماء الله أو أي صفة من صفاته، ولا يجحدونها، بل يقرون بها إقرارا كاملا.
الرابع: التمثيل، ومعناه ذكر مماثل للشيء، وأهل السنة والجماعة يثبتون لله عز وجل الصفات بدون مماثلة، يقولون: إن الله عز وجل له علم ليس كعلمنا، وله بصر ليس كبصرنا، وهكذا سائر الصفات، يقولون إن الله عز وجل لا يماثل خلقه فيما وصف به نفسه أبدا، ولهم أدلة سمعية وعقلية منها : [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ] وقوله تعالى: [هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا] (مريم: 65) وقوله تعالى: [وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ] (الإخلاص: 4).
وقد نهى الله عن أن يجعل له نظراء مماثلين، حيث قال عز وجل: [فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ] (البقرة: 22) والتفويض عند السلف هو تفويض كيفيتها، يقولون لا يعلم كيفية صفاته إلا هو سبحانه وتعالى، ولا يفوضون معناها، بل يثبتون المعنى؛ كما ورد عن الإمام مالك رحمه الله لما سئل عن الاستواء فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فقوله رحمه الله: الاستواء معلوم، أي من حيث المعنى معلوم أن كلمة (استوى) إذا تعدت بـ (على) كان معناها العلو والاستواء، والكيف مجهول لدينا وغير معقول، وذلك بأن عقولنا لا تدرك كيفية استواء الله عز وجل فيجب علينا الكف عنها، والإيمان بها، وكلام الإمام مالك رحمه الله ميزان لجميع الصفات، فإن سئلت عن أي صفة من صفات الله عز وجل فقل فيها مثل ما قال الإمام مالك في صفة الاستواء على العرش.
ومذهب الأشاعرة في الصفات أنهم يثبتون سبع صفات فقط، وأهل السنة والجماعة يثبتون كما أسلفنا الصفات التي جاءت في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تمثيل ولا تكييف، ويفوضون كيفيتها إلى الله عز وجل.
وأخيرا ننصح السائل بأن يرجع إلى كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية بشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمة الله عليهما، وكتاب القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لابن عثيمين.
والله أعلم.
 

تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

0 التعليقات:

آخر المواضيع



أذكر الله



تابعني في Google+

قصص الأنبياء والرسل





الخلفاء الراشدين

المقدمة

 لحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، وبعد: تتناول هذه الدراسة موضوعًا شائكًا في التاريخ الإسلامي المبكر، يعد من أهم الموضوعات في مجال البحث العلمي >>>>>>>>

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي ، ولد بمكة ونشأ سيداً من سادات قريش ومحيطاً بأنساب القبائل وأخبارها . وكانت العرب تلقبه بعالم قريش ، حرم على نفسه الخمر في الجاهلية فلم يشربها . اشتغل بالتجارة وجمع ثروة كبيرة صار بها من أثرياء قريش

   الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوي . ثانى الخلفاء الراشدين وأول من لقب بأمير المؤمنين . كان فى الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم وله السفارة فيهم ، ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قائلاً : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك ( عمر بن الخطاب أو أبى جهل )

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7

عثمان بن عفان رضي الله عنه

هو أبو عبد الله عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية القرشى الأموى أمير المؤمنين . ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة ورابع من دخل فى الإسلام . زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية ، وهاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة .

الجزء 1  الجزء 2 الجزء3 

على بن أبى طالب رضي الله عنه

هو أبو الحسن علي بن أبى طالب بن عبد المطلب الهاشمى القرشى . أمير المؤمنين ، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة وابن عم النبى صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء ووالد الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5



الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى

الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى
يقول الأستاذ الدكتور/ وهبة الزحيلي: ولقد بدأت نواة المذاهب في عصر الصحابة.... فكان - مثلاً - مذهب عائشة،

الامام مالك بن أنس رحمه الله
اجتمعت الأسرة الصغيرة ذات مساء. كما تعودت بعد كل صلاة عشاء. تتذاكر أمور الحياة والدين فيحكي الأب عما صادفه وجه النهار في متجره الصغيرة الذي يبيع فيه الحرير، وعما

الإمام الشافعي رحمه الله
على الرغم من أن الإمام الشافعي لم يكن قاضيا في مصر قط، فإن أهل مصر يسمونه "قاضي الشريعة" .. ومازال العديد من أصحاب الحاجات الذين لم ينالوا حظا من التعليم

الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
صامت يطيل السكوت والتأمل، حزين يكاد لا يبتسم، وفي وجهه مع ذلك البشاشة وعلى قسامته الرضا، لا يتكلم إلا إذا سئل فلا يبتدر أحدا بحديث .. حتى إذا جلس

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر