أهمية الإيمان

إن أفضل الأعمال عند الله وأزكاها هو الإيمان؛ لما رَوى أبو ذر رضى الله عنه من سؤاله لرسول الله ﷺ بقوله " يارسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال ﷺ: الإيمان بالله والجهاد في سبيله" (رواه مسلم) وهو سبب للهداية والسعادة الدنيوية والأخروية، لقوله جل وعز{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] والإيمان صارف للمؤمن عن المعصية، لقوله جل وعز{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] الإيمان شَرط لقبول العمل، قال الله تعالى{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] ،فالإيمان الخَالِص يُبارك الله به العمل، ويتقبل به الدعوات.



بلاغ عام





Image

أسماء الله وصفاته

معتقد أهل السنة والجماعة في
 أسماء الله وصفاته وقواعدهم في إثباتها

 
خالد بن محمد السليم


أهل السنة يؤمنون بما وردت به نصوص القرآن والسنة الصحيحة إثباتًا ونفيًا، فهم: يسمون الله بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون منه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
وينفون عن الله ما نفاه عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، مع اعتقاد أن الله موصوف بكمال ضد ذلك الأمر المنفي.
وبذلك يكونوا قد اتبعوا منهج القرآن والسنة الصحيحة.
قال الإمام أحمد - رحمه الله- : "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والسنة".
قال تعالى: ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ? فهذا رد على الممثلة ? وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ? [الشورى:11] رد على المعطلة.
وتوحيد الأسماء والصفات له ضدان هما : التعطيل والتمثيل . فمن نفى صفات الرب عز وجل وعطلها ، فقد كذب تعطيله توحيده ، ومن شبهه بخلقه ومثله بهم ، فقد كذب تشبيهه وتمثيله توحيده.

أشهر الفرق المخالفة لأهل السنة في أسماء الله وصفاته.
أولاً الجهمية. وهي فرقة تنسب للجهم بن صفوان تنفي أسماء الله وصفاته.
حكم القول بنفي الأسماء والصفات:
قال العلامة ابن تيمية رحمه الله [1] : "والتحقيق أن التجهم المحض- وهو نفي الأسماء والصفات، كما يحكى عن جهم والغالية من الملاحدة ونحوهم، من نفي الأسماء الحسنى- كفرٌ بينٌ مخالفٌ لما علم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم".
ثانياً: المعتزلة . وهي فرقة تنسب لواصل بن عطاء وهم يقولون بإثبات الأسماء مجردة عن الصفات
فزعموا أن الله عر وجل لا علم له ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر له.
وحقيقة أمرهم أنهم أرادوا أن ينفوا أن الله عالم قادر حي سميع بصير، فمنعهم خوف السيف من إظهارهم نفي ذلك، فأتوا بمعناه لأنهم إذا قالوا: لا علم لله ولا قدرة له، فقد قالوا: إنه ليس بعالم ولا قادر.
وهذا إنما أخذوه عن أهل الزندقة والتعطيل لأن الزنادقة قال كثير منهم: إن الله ليس بعالم ولا قادر ولا حي ولا سميع ولا بصير.
ثالثاً : الأشاعرة.
وهي فرقة تنسب للإمام أبي الحسن الأشعري الذي رجع إلى طريق أهل السنة في آخر حياته
–في الجملة – . وقولهم في هذا الباب هو إثبات الأسماء الحسنى [2] .
وهم في باب الصفات فريقان:
الفريق الأول: قدماء الأشاعرة ينفون الصفات الاختيارية [3] .
الفريق الثاني: متأخروا الأشاعرة وهم لا يثبتون من الصفات سوى سبع صفات وهي: (العلم، القدرة، الحياة، السمع، البصر، الإرادة، الكلام).
وأما بقية الصفات فإنهم يحرفونها كتحريفهم لمعنى (الرحمة) إلى (إرادة الثواب، أو إرادة الإنعام) و (الود) في (الودود) ب (إرادة إيصال الخير).

قواعد أهل السنة في إثبات أسماء الله الحسنى
[4] .
القاعدة الأولى : أسماء الله تعالى توقيفية.
أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها فلا يسمى الله عز وجل إلا بما جاء به الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل قاصر عن معرفة مايستحقه الله تعالى من الأسماء فوجب الوقوف في ذلك على النص والدليل قوله تعالى(وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء: 36 ] فوجب سلوك الأدب والاقتصار على ما جاء ت به النصوص فهذا الباب ليس من أبواب الاجتهاد ؛ ولذا لا يسمى الله سبحانه بالعارف ولا يوصف بالعاقل ولا يجوز أن يشتق من الفعل أو من الصفة اسماً لله تعالى ، مثل اسم (المنتقم) ؛لأنه لم يرد إلا مقيداً في قوله تعالى: ( إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُون ) [السجدة :22].
والخلاصة: أن التوقيف في أسماء الله معتبر، والإذن في جوازها منتظر، فلايسمى الله إلا بما ورد به الخبر.

القاعدة الثانية : باب الصفات أوسع من باب الأسماء .

فكل اسم من أسماء الله يجوز أن يشتق منه صفة لله عز وجل فالعليم يشتق منه صفة العلم، والحكيم يشتق منه صفة الحكمة ، ولكن ليس كل صفة يؤخذ منها اسم لله , مثل الكلام صفة لله عز وجل ولكن الله سبحانه ليس من أسمائه المتكلم . ومن أجل ذلك كان باب الصفات أوسع من باب الأسماء ، فالله يوصف بصفات كالكلام، والإرادة، والاستواء، والنزول، والضحك، ولا يشتق له منها أسماء ، فلا يسمى بالمتكلم ، والمريد، والمستوي، والنازل، والضاحك، لأنها لا تدل في حال إطلاقها على ما يحمد الرب به ويمدح ، وفي المقابل هناك صفات ورد إطلاق الأسماء منها كالعلو، والعلم، والرحمة والقدرة ، لأنها في نفسها صفات مدح والأسماء الدالة عليها أسماء مدح فمن أسمائه: العلي، والعليم، والرحيم، والقدير.

القاعدة الثالثة : أن باب الإخبار أوسع منهما.

فما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء،والموجود ، فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
فالنصوص جاءت بثلاثة أبواب هي "باب الأسماء" و"باب الصفات" و"باب الإخبار".

القاعدة الرابعة: أسماء الله كلها حسنى.

أسماء الله كلها حسنى ،وقد وصف الله تعالى أسماءه بالحسنى في أربعة مواضع من القرآن الكريم، وهي:
1- قوله، تعالى: ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف:180].
2- قوله تعالى( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ) [الإسراء :110].
3- قوله تعالى: ( وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [طه:7, 8].
4- قوله تعالى: ( هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) [الحشر:24] .
والحسنى: مؤنَّث الأحسن . أي البالغة في الحسن غايته فأسماء الله هي أحسنُ الأسماء وأجلُّها لاشتمالها على أحسن المعاني و أشرفها.
فالحيُّ : متضمن للحياة الكاملة التي لم تُسبق بعدم ولا يلحقها زوال.
والرحمن: متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله ?:
"لله أرحم بعباده من هذه بولدها" يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته [5] .والتي قال الله عنها: ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) [الأعراف:156] ، وقال عنها المقربون من ملائكته: ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ) [غافر:7].

القاعدة الخامسة : الأسماء الحسنى لا تحدّ بعدد

الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ، ولا تحد بعدد فإنَّ لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ((أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك )) [6] .

القاعدة السادسة : الإيمان بأسماء الله يتضمن أموراً:

أولاً: الإيمان بثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
ثانيًا: الإيمان بما دل عليه الاسم من المعنى أي "الصفة".
ثالثاً: الإيمان بما يتعلق به من الآثار والحكم والمقتضى.
ولو أخذنا اسم الله السميع فإننا نثبت الاسم أولاً ، ونثبت "السمع" صفة له ثانياً , ثم نثبت ثالثاً: الحكم أن الله يسمع السر والنجوى .والأثر: وهو وجوب خشية الله ومراقبته وخوفه والحياء منه عز وجل.
 
---------------------------------
[1] النبوات ، ص 198
[2] ولكنهم مخالفون في طريقة إثباتهم لأهل السنة والجماعة .
[3] الصفات الاختيارية هي : هي التي يفعلها متى شاء كالغضب , والمجيء .
[4] ينظر هذا المبحث في : بدائع الفوائد 1/175ـ 187 , والقواعد المثلى : للشيخ محمد العثيمين , ومعتقد أهل السنة في أسماء الله :د محمد التميمي , والقواعد الكلية /د إبراهيم البريكان .
[5] البخاري ح 5999, ومسلم ح2754 .
[6] رواه الإمام أحمد 1/391 , وصححه ابن القيم في بدائع الفوائد 1/183 , والألباني في الصحيحة ح199.

 

تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

0 التعليقات:

آخر المواضيع



أذكر الله



تابعني في Google+

قصص الأنبياء والرسل





الخلفاء الراشدين

المقدمة

 لحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، وبعد: تتناول هذه الدراسة موضوعًا شائكًا في التاريخ الإسلامي المبكر، يعد من أهم الموضوعات في مجال البحث العلمي >>>>>>>>

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي ، ولد بمكة ونشأ سيداً من سادات قريش ومحيطاً بأنساب القبائل وأخبارها . وكانت العرب تلقبه بعالم قريش ، حرم على نفسه الخمر في الجاهلية فلم يشربها . اشتغل بالتجارة وجمع ثروة كبيرة صار بها من أثرياء قريش

   الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوي . ثانى الخلفاء الراشدين وأول من لقب بأمير المؤمنين . كان فى الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم وله السفارة فيهم ، ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قائلاً : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك ( عمر بن الخطاب أو أبى جهل )

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7

عثمان بن عفان رضي الله عنه

هو أبو عبد الله عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية القرشى الأموى أمير المؤمنين . ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة ورابع من دخل فى الإسلام . زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية ، وهاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة .

الجزء 1  الجزء 2 الجزء3 

على بن أبى طالب رضي الله عنه

هو أبو الحسن علي بن أبى طالب بن عبد المطلب الهاشمى القرشى . أمير المؤمنين ، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة وابن عم النبى صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء ووالد الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5



الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى

الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى
يقول الأستاذ الدكتور/ وهبة الزحيلي: ولقد بدأت نواة المذاهب في عصر الصحابة.... فكان - مثلاً - مذهب عائشة،

الامام مالك بن أنس رحمه الله
اجتمعت الأسرة الصغيرة ذات مساء. كما تعودت بعد كل صلاة عشاء. تتذاكر أمور الحياة والدين فيحكي الأب عما صادفه وجه النهار في متجره الصغيرة الذي يبيع فيه الحرير، وعما

الإمام الشافعي رحمه الله
على الرغم من أن الإمام الشافعي لم يكن قاضيا في مصر قط، فإن أهل مصر يسمونه "قاضي الشريعة" .. ومازال العديد من أصحاب الحاجات الذين لم ينالوا حظا من التعليم

الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
صامت يطيل السكوت والتأمل، حزين يكاد لا يبتسم، وفي وجهه مع ذلك البشاشة وعلى قسامته الرضا، لا يتكلم إلا إذا سئل فلا يبتدر أحدا بحديث .. حتى إذا جلس

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر