لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء
لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْء
ستة فوائد في توحيد الأسماء والصفات من قوله تعالى : { لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }
مستفادة من محاضرة في باب الأسماء والصفات الأولى : الكاف في "كمثله" : حرف تشبيه و "مثل" : تفيد التشبيه ولو قيل ـ في غير القرآن ـ : ليس كالله شيئ أو ليس مثل الله شيئ لاستقام المعنى ولكن اقتضت حكمة الله عز وجل أن يورد تشبيهين في آية ولأهل العلم في هذا أوجه، أبرزها: *المراد هو : ليس مثل مثله شيئ أي ليس كمثله مثل ـ لو فرض أن له مثلا ـ فإن لم يكن لمثله مثل، فما بالك أن يكون له مثل، وهذا للمبالغة وإغراق في إبعاد وجود مثل لله عز وجل. *المراد هو : أن المثل بمعنى الذات والكاف صلة ( زائدة) أي ليس كذات الله شيئ وقالوا: العرب تستعمل المثل كناية عن الذات للمبالغة، فتقول: مثلك لا يبخل، ينفون عن مثله البخل، وهم يريدون نفيه عن ذاته. *المراد هو : إعادة نفي المثل مرتين مرة بالكاف وأخرى بالمثل توكيدا ومبالغة في نفي المثل عن الله عز وجل. ولعله القول الذي اختاره جُلّ أهل العلم الثانية : المماثلة: هي المساواة في أمرين: الكيفية وتمام المعنى المشابهة : نوعان: تامة وهي المساواة في أمرين: الكيفية وتمام المعنى فتكون على ذلك مرادفة للمماثلة ناقصة : مشابهة في أصل المعنى فقط. لذلك الأولى أن نقول أننا نثبت لله ما اثبته لنفسه وما اثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم بلا تمثيل بدلا عن : بلا تشبيه لورود اللفظ في القرآن أولا ولما سبق بيانه ثانيا، فالله عز وجل سمى نفسه الملك وقال في كتابه (وقال الملك ائتوني به) فأثبت مشابهة مخلوقه له في صفة الملك مشابهة ناقصة أي في أصل المعنى دون كيفيته وتمامه وقد استعمل أهل العلم التشبيه مكان التمثيل و قصدوا به المشابهة التامة وهي مرادفة للمماثلة الثالثة : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (نفي) وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (اثبات) شيئ : نكرة والنكرة في سياق النفي تفيد العموم فأجمل الله عز وجل هنا النفي بقوله "شييء" وهو السميع البصير : ذكر الله عز وجل إسمين من أسماءه: فصّل في الإثبات وهي قاعدة عند أهل السنة : أن النفي يكون مجملا والإثبات يكون مفصلا كما في قوله : سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فالتسبيح هو التنزيه ، أي نفي النقائص والعيوب فأجمل فيه الله عز وجل (لم يذكر عمّا يسبحه ما في السماوات والأرض بل أجمل لإستغراق تسبيحه عن كل نقص وعيب) وفصل بقوله : وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الرابعة : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (نفي) وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (إثبات) فقدم النفي على الإثبات وهي أيضا قاعدة عند أهل السنة "التخلية قبل التحلية". كما في شهادة التوحيد : لا إله (نفي) إلا الله (إثبات). وكما في قوله : فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ (نفي) وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى (إثبات) وغير ذلك من الآيات الخامسة : من حكم الله عز وجل في ذكره إسمي السميع والبصير في هذه الآية :ما ذكره الشيخ محمد أمين الشنقيطي في كتابه الماتع أضواء البيان، أنقله بنصه والظاهر أن السر في تعبيره بقوله : وهو السميع البصير دون أن يقول مثلا : وهو العلي العظيم أو نحو ذلك من الصفات الجامعة ؛ أن السمع والبصر يتصف بهما جميع الحيوانات ، فبين أن الله متصف بهما ، ولكن وصفه بهما على أساس نفي المماثلة بين وصفه تعالى ، وبين صفات خلقه ، ولذا جاء بقوله : وهو السميع البصير بعد قوله : ليس كمثله شيء ففي هذه الآية الكريمة إيضاح للحق في آيات الصفات لا لبس معه ولا شبهة البتة. أهـ وذلك إقامة للحجة على من يدعي تنزيه الله عز وجل بنفي أسمائه وصفاته ـ كلها أو جلها ـ عنه عز وجل من الجهمية ومن شاكلهم. السادسة : لم يذكر الله عز وجل النفي بدون تشبيه، أي لم يقل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فقط بل أضاف الإثبات (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) إذ أن النفي ليس مرادا لذاته إنما المراد منه: إثبات كمال الضد. كما في نفي النوم عن الله عز وجل فإن الله ـ إن لم يبين أنه سبحانه الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال حياته وقيوميته ـ لم يكن ذلك مدحا له ولا تنزيها إذ أن الجدار أيضا لا ينام لكن ذلك لانعدام حياته بينما لا ينام الله عز وجل لكمال حياته وقيوميته كما قدمنا. هذا والله أعلم وأحكم |
0 التعليقات: