أهمية الإيمان

إن أفضل الأعمال عند الله وأزكاها هو الإيمان؛ لما رَوى أبو ذر رضى الله عنه من سؤاله لرسول الله ﷺ بقوله " يارسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال ﷺ: الإيمان بالله والجهاد في سبيله" (رواه مسلم) وهو سبب للهداية والسعادة الدنيوية والأخروية، لقوله جل وعز{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] والإيمان صارف للمؤمن عن المعصية، لقوله جل وعز{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] الإيمان شَرط لقبول العمل، قال الله تعالى{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] ،فالإيمان الخَالِص يُبارك الله به العمل، ويتقبل به الدعوات.



بلاغ عام





Image

توحيد الله أوَّلاً

 
توحيد الله أوَّلاً
 
https://encrypted-tbn3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQ3bjgm8pyaYPCjckfRrAEQ7KyZ0CZYDdgbrq5MF6XHeBhUoz01
( خطبتا الجمعة في مسجد دَبلِن بإيرلندا يوم الثامن و العشرين من جمادى الثانية 1423 هـ
الموافق للسادس من سبتمبر ـ أَيْلول ـ 2002 م )
بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تـموتنَّ إلا و أنتـم مسلمون } [ آل عمران : 102 ] .
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساء ، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } [ النساء : 1 ] .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم $ و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } [ الأحزاب :70،71 ] .
أمّا بعد فيا أمّة الإسلام :
فإنّ الله تعالى لم يخلق الخلق عبثاً ، و لم يتركهم هَملاً ، بل خلقهم ليوحّدوه ، و أرشدهم ليَعبُدوه ، و جعل التوحيد لما سواه أصلاً ، فمن وحَّدَه بما أخبر ، و عبده كما أمر ، كان لنيل رضاه ، و الفوز و النجاة في أخراه ، أهلاً .
و قد توافقت فِطَر البشر على أنّ صلاح الفرع من صلاح الأصل ، و فسادَه من فساده ، فإذا استقامَ الأصل و استوى على سوقه ، تشعَّبت فروعه طريّةً ندِيّة ، صالحةً متينةً قويّة .
و لذلك قدّم الله تعالى أصول الدين على فروعه بالذكر و الأمر ، كما في قوله عزّ و جلّ :
{ فاعلم أنه لا إله إلا الله و استغفر لذنبك } [ محمد : 19 ] .
و الدعوة إلى توحيد ربّ العبيد ، دعوة رسل الله قاطبةً من لدن أبيهم آدم عليه السلام ، و حتى خاتمهم محمّد .
قال تعالى :
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} [ الأنبياء : 25 ] .
فإذا أردنا سعادة الدارين ، و خيرَ الخَيرَين ، فلنحقّق التوحيد أوّلاً ، لأنّه أصل الأصول ، و غاية المأمول .
ما لم يكُ التوحيد أصلاً راسخاً *** للعابديـن فكـلّ فـرعٍ فاسـدُ
أرأيـت بنياناً تطـاول أهلـه *** في رفعـه و الأسُّ هارٍ هـامِدُ
و لأهميّة التوحيد علّق الله عليه مغفرة الذنوب و تكفير السيّّئات ، علاوة على رفع الدرجات في غرف الجنّات .
قال تعالى :
{ إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء و من يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً }[ النساء : 116 ] .
و قال جل و علا :
{ و قال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي و ربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار و ما للظالمين من أنصار }[ المائدة : 72 ] .
و في صحيح مسلم و سنن الترمذي الدارمي و مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قال الله جل و علا : عبدي إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا - يعني بملء الأرض خطايا - ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً أتيتك بقرابها مغفرة ) .
عباد الله !
لقد حاوَل أهل العلم تقريب مسائل التوحيد في التعليم و التدريس ، فقسّمه بعضهم إلى قسمين ، و بعضهم إلى أكثر من ذلك ، و أوسط التقسيمات و أبلغها في الدلالة على المطلوب هو تقسيم شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله التوحيدَ إلى :
- توحيد المعرفة و الإثبات .
- و تعريف القصد و الطَلَب .
و تحت القسم الأوّل تندرج معرفة الله تعالى بأسمائه و صفاته و أفعاله في ضوء ما أخبر به عن نفسه ، و أخبر عنه نبيّه المصطفى صلى الله عليه وسلم إيماناً و تصديقاً و تسليماً .
أما القسم الثاني الذي يشمل القصد و الطلب فتندرج تحته عبوديّة العبد لربّه ، و تأليهه إياه بفعل ما أمر ، و اجتناب ما نهى عنه و زَجَر ، مع توحيده في ذلك كلّه بالإخلاص له ، و عدم إشراك أحدٍ في عبادته .
فلا يكمل إيمان أحدٍ ، و لا يخلُص توحيده لربّه ، حتى لا يشرك في عبادته أحداً ، و لا يصرف شيئاً منها لغيره ، و يقيم فيصلاً بين حقوق الخالق و حقوق المخلوقين .
و من حقوق الله تعالى على عباده أن لا يُشركوا في حكمه أحداً ، إذ إنّ لله الخلقَ و الأمر ، و ليس ذلك لأحدٍ غيرِه ، و لذلك خصّ بعض أهل العلم في القديم إفراد الله بالحكم - و في اصطلاح بعض المعاصرين بالحاكميّة - من بين مسائل التوحيد بالذِكرَ لخطورة ما يترتّب على تحكيم غير شرع الله على عقائد العباد ، و ما يُفضي إليه من خروج من الملّة .
قال ابن أبي العزّ الحنفي في شرح الطحاويّة ( ص : 200 ) في معرِض ذِكرِ ما يجب على الأمّة تجاه نبيّها : ( فنوحّده بالتحكيم و التسليم و الانقياد و الإذعان ، كما نوحّد المرسِلَ بالعبادة و الخضوع و الذلّ و الإنابة و التوكّل ، فهما توحيدان ، لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما : توحيد المرِسل ، و توحيد متابعة الرسول ، فلا نحاكم إلى غيره ، و لا نرضى بحُكم غيره ) .
عباد الله !
لا يتحقق توحيد العبد بمجرّد قول لا إله إلا الله ، ما لم يأت بشروطها ، و يحذَر نواقِضَها و موانِعَ تحقيقها ، فمن جاء بها بشروطها استحقّ البشارة بدخول الجنّة .
و شروطها سبعةٌ جمعها الشيخ حافظ حكمي رحمه الله في قوله :
 
العلـم و اليـقيـن و القـبـول *** و الانـقيـاد فـادرِ ما أقـولُ
و الصدق و الإخلاص و المحبّة *** وفّـقَـك الله لـمـا أحَـبَّــه
 
فأوّل شروط الكلمة الطيّبة ( لا إله إلا الله ) هو العلم بمعناها و ما فيه من النفي ( نفي الألوهيّة عن غير الله ) و الإثبات ( إثبات الألوهيّة لله تعالى وحده ) ، لأن المراد هو الاعتقاد و لا اعتقاد بدون علم . قال الله عز و جل : { فاعلم أنه لا إله إلا الله }[ محمد : 19 ] .
و في صحيح مسلم و غيره عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله :
( من مات و هو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ) .
قال القاضي عياض ( كما في شرح صحيح مسلم ، للنووي ) : ( مذهب أهل السنّة أن المعرفة مرتبطةٌ بالشهادتين لا تنفع إحداهما و لا تنجي من النار دون الأخرى ) .
ثانياً : اليقين الجازم بكلمة التوحيد ، معناها ، و مقتضاها ، و اليقين هو أعلى درَجات العلم ، بل هو العلم الجازم الذي لا شك فيه و لا ارتياب ، فلا تجزئ معرفة معنى هذه الكلمة الطيبة ، ما لم يرافق العلم بها اعتقادٌ صادق راسخ .
قال الله عز و جل :
{إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا و جاهدوا بأموالهم و أنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون } [ الحجرات : 15 ] .
و قال رسول الله لأبي هريرة كما في صحيح مسلم :
( من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه فبشّرة بالجنة ) .
و في صحيح مسلم أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:
( أشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله لا يلقى الله عبدٌ بهما غير شاكٍ فيهما إلا حرمه الله على النار ) .
ثالثًا: الرضا بالتوحيد و قبول ما يَلزَمُ العبدَ من تكاليف جرّاء ذلك ، فلا قيمة لإيمان مقلّدٍ يقول :
{ إنا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم مقتدون } [ الزخرف : 21- 25 ] .
بل لابدّ من الخضوع و الانقياد قلباً و قالَباً .
رابعاً : الصدق في الإيمان و الإخلاص في التوحيد .. و هو نقيض النفاق و الزندقة ، و لولا هذا الشرط لاستوى الموحّد و المنافق في استحقاق البشارة بالجنّة . و لا يكاد يظهر صدق الصادق ، و خداع المخادع إلى في مواطن التمحيص و الامتحان .
قال تعالى:
{ الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين } [ العنكبوت : 2-3 ] .
و في صحيح البخاري من حديث عِتْبَان بن مالك عن النبي أنه قال :
( إن الله حرم على النار من شهد أن لا إله إلا الله و أن محمدًا عبده و رسوله صدقًا من قلبه ) ، و في رواية ( إن الله حرّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) .
خامساً : الإخلاص لله تعالى ، و هو تجريد التوحيد لله العزيز الحميد ، حيث إنّ الله تعالى لا يقبل من العمَل إلا ما كان خالصاً ، و من تقرّبَ إليه بعمل أشرك فيه معه غيره تركه و شِركَه .
قال الله عز و جل :
{ ألا لله الدين الخالص } [ الزمر : 3 ] .
و قال سبحانه :
{ و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء }[ البينة : 5 ] .
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله :
( أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه ) .
سادساً : الانقياد لله و لرسوله ، إذ إنّ الإيمان ليس قولاً أجوَف مجرّداً من العمل .. بل هو قولٌ و عملٌ بالقلب و اللسان و الجوارح .
و الإسلام هو الاستسلام لله ، و الانقياد له بالطاعة ، و هل الطاعة إلا بلزوم الأمر و النهي .
قال تعالى :
{ وَ مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَن يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا } [ الأحزاب : 36 ] .
و قال سبحانه :
{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ النور : 51 ] .
سابعاً : محبة الله و رسوله ، و محبّة التوحيد و أهله ، و محبّة ما دلت عليه كلمته الطيّبة ( لا إله إلا الله ) ، و محبة أهلها العاملين بها .
و لا يكون الحبّ صادقاً ما لم تبدُ أماراته ، فعلامة محبته الله تعالى التزام شريعته ، و نصرة أوليائه ، و مجاهدة أعدائه ، و علامة حبّ نبيّه أن يكون هوى محبّه تبعًا لما جاء به المحبوب .
روى الشيخان و غيرهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله قال :
( ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله و رسوله أحبّ إليه ممّا سواهما ، و أن يحبَّ المرء لا يحبّه إلا لله ، و أن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) .
و ثبت أيضاً أنّ رسول الله قال :
( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به ) .
تعصي الإله و أنت تزعم حبَّه *** هذي لعمري في القياس بديعُ
لو كان حبُّك صادقاً لأطعتـه *** إنّ المحبَّ لمن يُحبُّ مطيـعُ
و نقيض المحبّة – يا عباد الله - هو البغض و الكره ، فمن كرِهَ شيئاً ممّا أوجبت ( لا إله إلا الله ) حُبَّه فقد كفر ، و على من أراد السلامة أن يلزم الحَذَر .
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك و حبّ عملٍ يقرّبنا إلى حبّك .
عباد الله !
هذه شروط ( لا إله إلا الله ) فلا يفوتنكم تحصيلها ، و الله الله في تحقيق التوحيد في نفوسكم ، و تطهير جنانكم و أعمالكم مما يضادّه أو يناقضه .
وفّقني الله و إيّاكم لخيرَيْ القول و العمَل ، و عصمنا من الضلالة و الزلل
أقول قولي هذا و استغفر الله الجليل العظيم لي و لكم من كلّ ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
و صلّى الله و سلّم و بارك على نبيّّّه محمّد و آله و صحبه أجمعين

الخطبة الثانية
أمّةَ الإسلام !
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله ، و خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، و شر الأمور محدثاتها ، و كل محدثة بدعة ، و عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ، و من شذ شذ في النار .
و اعلَموا – رحمني الله و لإيّاكم – أنّ الإخلال بالتوحيد ، سببٌ للتنكب عن صراط العزيز الحميد ، مع ما يترتّب عليه من فساد الدنيا ، و فوات الآخرة .
ألا ترون إلى من أخلّ بالتوحيد في باب الإيمان بالأسماء و الصفات ، كيف بات مجسّماً يعبُد صنماً ، أو جاحداً يعبد عَدَماً .
ألا ترون إلى من أخلّ بالتوحيد في باب القصد و الطلب ، فطاف بالقبور ، أو تعلّق بالمقبور ، كيف هان على الله أمره ، فأفنى عمره بالتذلل إلى عباد مثله .
قال تعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [ الأعراف : 194 ] .
ألا ترون إلى من أخلّ بالتوحيد في باب الولاء و البراء ، و ظاهر الأعداء الكفرة ، على الأولياء المجاهدين البررة ، كيف تسلّط عليه من تولاهم و ظاهرهم فزادوه رهَقاً ، و اتخذوه تبعاً مسلوب الإرادة و الكرامة ، فسُحقاً سُحقاً .
و هكذا دواليك ، ما أخلتَّ البشريّة بتوحيد ربّ البريّة في جانب ، إلا تنكّبت عن الطريق السويّة ، و تخبّطت في دهاليز الضلالة الرزيّة .
و لا يفوتني و الحديث عن التوحيد أن أشير إلى حاجة المسلمين المنهجيّة إلى توحيد الرؤى و الجهود في أُطُر العمل الإسلامي المعاصر ، إذ إن يد الله على الجماعة .

إنّ أولى الورى بتوحيد شملٍ *** أمّـةٌ كان دينهـا التـوحيـدا

و إن لم يكن إلى التوحّد سبيل متاحة ، فلا أقل من الاهتمام بشؤون المسلمين ، و الالتفات إلى أحوالهم و السعي على تحسينها بقدر الطاقة و السعة ، و ذلك من صُلب ديننا ، و إنْ قال من قال : ( دعوا السياسة و انصرفوا إلى العلم و العمل ) .
إن العلم بالسياسة الشرعيّة ، و التبصر في أمور المسلمين ، و ما يحاك لهم أو يراد بهم ، من صُلب ديننا الذي ارتضاه الله لنا شِرعةً و مِنهاجاً .
بل ديننا عقيدة و عبادة و سياسة ، و بين ذلك كلّه علاقة تكامليّة ، أرشد إليها من أنار الله بصيرته من أبناء هذه الأمّة ، و صرَف عنها من صرَفَه لحكمةٍ أرادَها .
قال ابن أبي العزّ في شرح الطحاويّة ( ص : 74 ) : ( و إنّما وقع التقصير من كثير من المنتسبين إليه – إي إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم – في كثير من الأمور الكلاميّة الاعتقاديّة ، و لا في كثير من الأحوال العباديّة ، و لا في كثير من الإمارة السياسيّة أو نسبوا إلى شريعة الرسول بظنّهم و تقليدهم ما ليس منها ، و أخرجوا عنها كثيراً ممّا هو منها ) .
و انطلاقاً من اهتمامنا بأمور المسلمين نشير هنا إلى درسٍ مستفاد من التجربة السودانيّة في التقارب أو المصالحة أو حتى الحوار مع الصليبيين و الوثنيين في الجنوب فنقول لمن التبست عليهم الأمور
( و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملّتهم ) فادّكروا يا أولي الألباب ، و انظروا كيف يُطعن المسلمون في الظهر بسهام من جنحوا إلى مسالمتهم قبل أيّام قلائل .
ألا فهل يتّعظ من يرددون عباراتٍ من قبيل ( إخواننا النصارى ) و أصدقائنا و حلفاؤنا الغربيّون !!
ألا و صلّوا و سلّّموا على نبيكم الأمين ، فقد أُمرتم بذلك في الذكر الحكيم ، فقال ربّ العالمين : ( إنّ الله و ملائكته يصلُّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ) و على آله و صحبه أجمعين .
د . أحمد عبد الكريم نجيب
Dr.Ahmad-A-Najeeb
alhaisam@msn.com
 

تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

0 التعليقات:

آخر المواضيع



أذكر الله



تابعني في Google+

قصص الأنبياء والرسل





الخلفاء الراشدين

المقدمة

 لحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، وبعد: تتناول هذه الدراسة موضوعًا شائكًا في التاريخ الإسلامي المبكر، يعد من أهم الموضوعات في مجال البحث العلمي >>>>>>>>

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي ، ولد بمكة ونشأ سيداً من سادات قريش ومحيطاً بأنساب القبائل وأخبارها . وكانت العرب تلقبه بعالم قريش ، حرم على نفسه الخمر في الجاهلية فلم يشربها . اشتغل بالتجارة وجمع ثروة كبيرة صار بها من أثرياء قريش

   الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوي . ثانى الخلفاء الراشدين وأول من لقب بأمير المؤمنين . كان فى الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم وله السفارة فيهم ، ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قائلاً : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك ( عمر بن الخطاب أو أبى جهل )

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7

عثمان بن عفان رضي الله عنه

هو أبو عبد الله عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية القرشى الأموى أمير المؤمنين . ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة ورابع من دخل فى الإسلام . زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية ، وهاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة .

الجزء 1  الجزء 2 الجزء3 

على بن أبى طالب رضي الله عنه

هو أبو الحسن علي بن أبى طالب بن عبد المطلب الهاشمى القرشى . أمير المؤمنين ، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة وابن عم النبى صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء ووالد الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5



الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى

الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى
يقول الأستاذ الدكتور/ وهبة الزحيلي: ولقد بدأت نواة المذاهب في عصر الصحابة.... فكان - مثلاً - مذهب عائشة،

الامام مالك بن أنس رحمه الله
اجتمعت الأسرة الصغيرة ذات مساء. كما تعودت بعد كل صلاة عشاء. تتذاكر أمور الحياة والدين فيحكي الأب عما صادفه وجه النهار في متجره الصغيرة الذي يبيع فيه الحرير، وعما

الإمام الشافعي رحمه الله
على الرغم من أن الإمام الشافعي لم يكن قاضيا في مصر قط، فإن أهل مصر يسمونه "قاضي الشريعة" .. ومازال العديد من أصحاب الحاجات الذين لم ينالوا حظا من التعليم

الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
صامت يطيل السكوت والتأمل، حزين يكاد لا يبتسم، وفي وجهه مع ذلك البشاشة وعلى قسامته الرضا، لا يتكلم إلا إذا سئل فلا يبتدر أحدا بحديث .. حتى إذا جلس

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر