أهمية الإيمان

إن أفضل الأعمال عند الله وأزكاها هو الإيمان؛ لما رَوى أبو ذر رضى الله عنه من سؤاله لرسول الله ﷺ بقوله " يارسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال ﷺ: الإيمان بالله والجهاد في سبيله" (رواه مسلم) وهو سبب للهداية والسعادة الدنيوية والأخروية، لقوله جل وعز{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] والإيمان صارف للمؤمن عن المعصية، لقوله جل وعز{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] الإيمان شَرط لقبول العمل، قال الله تعالى{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] ،فالإيمان الخَالِص يُبارك الله به العمل، ويتقبل به الدعوات.



بلاغ عام





Image

المعجزة الخالدة ( القرآن الكريم )

المعجزة الخالدة ( القرآن الكريم )

 

د. محمد بن عبدالسلام
اعلَم أن الله تعالى قد أيَّد النبي محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بأعظم
معجزة، وهي القرآن الذي يخاطب العقول والقلوب، والذي تعهَّد الله – عز وجل – بحفظه، وقبل أن نتكلم عن القرآن، فلنعرف شيئًا بداية عن المعجزة.
فالمعجزة: هي ما يؤيِّد الله تعالى به الأنبياءَ والرسل – عليهم السلام – وهي أمرٌ خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم عن المعارضة، وهي إما حسيَّة أو عقليَّة، وسُمِّيت معجزة؛ لأن البشر يَعجِزون عن الإتيان بمثلها، ولها شروط خمسة، فإن اختلَّ منها شرط، لا تُعد معجزة (على المشهور عند أهل العلم)[1]، وهذه الشروط هي:
أولاً: أن تكون مما لا يَقدِر عليه إلا الله – سبحانه – كفَلْق البحر، وانشقاق القمر، وإحياء الموتى…، إلى غير ذلك.
ثانيًا: أن تَخرِق العادة، وأن تكون مرتبطة بمدَّعي الرسالة؛ كأن يسأل الله – عز وجل – أن يُنزل مائدة من السماء، فيُجيبه الله إلى ذلك خرْقًا للعادة، وكأن يَقلب العصا إلى ثعبان بفعْلٍ من الرسول؛ أو أن يخرج الماء من بين الأصابع بدعاء أو طلبٍ من النبي أو الرسول، أو أن يكثر الطعام إثباتًا لبركة الرسول.
ثالثًا: أن يَستشهد بها مدَّعي الرسالة عن الله تعالى، بمعنى أن تكون طريقًا للدلالة على الله – عز وجل.
رابعًا: أن تقع على وَفْق دعوى المتحدي بها، المستشهِد بكونها معجزةً له، وذلك بمعنى أن يقول للحجر: انطق، فيَنطق الحجر بتصديقه، لا أن يَنطق بتكذيبه، وقد نُقِل عن مُسيلمة الكذَّاب – الذي ادَّعى النبوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم – أنه تفَل في بئرٍ؛ ليَكثر ماؤها، فغارَت البئر، وغار ما كان بها من ماء، فيكون هذا على خلاف دعوى المتحدي بها.
خامسًا: ألا يأتي أحدٌ بمثل ما أتى به المتحدي (الرسول) على وجه المعارضة، فإن جاء بمثل ذلك، سقط اعتبارها معجزةً دالة على نبوَّته، إلا أن يكون نبيًّا مثله في مكان آخرَ أو زمانٍ آخرَ.
إذا علِمنا أن المعجزات يُشترط لها هذه الشروط، فلنَعلم أيضًا أن المعجزة على نوعين:
النوع الأول: ما اشتَهر نقله، وانقرَض عصره بموت النبي صاحب هذه المعجزة؛ كما اشتَهر عن عصا موسى، وإحياء الموتى لعيسى – عليهما السلام.
النوع الثاني: ما تواتَرت الأخبار بصحته وحصوله، واستفاضَت بثبوته ووجوده، ووقَع لسامعها العلم بذلك ضرورةً، ومن شرطه أن يكون الناقلون له خَلقًا كثيرًا، وجمًّا غفيرًا، وأن يكونوا عالمين بما نقَلوه علمًا ضروريًّا، وأن يستوي في النقل أوَّلهم وآخرهم وأوسطهم في كثير العدد؛ حتى يستحيلَ عليهم التواطؤ على الكذب.
والقرآن هو هذا النوع من المعجزة، فقد نُقِل إلينا القرآن كما نُقِل وجود النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتواتر، فالأمة لم تزَل تنقُل القرآن خلفًا عن سلف، والسلف عن سلفه، إلى أن يتَّصل ذلك بالنبي -صلى الله عليه وسلم- والمعلوم وجوده بالضرورة، وصدقه بالأدلة والمعجزات، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أخذه بطريق الوحي[2] عن أمين الوحي جبريل – عليه السلام – الذي أخذه عن ربِّه – عز وجل.
فنقل القرآنَ في الأصل رسولان معصومان من الزيادة والنُّقصان، ونقَله إلينا بعدهم أهل التواتر الذين لا يجوز عليهم الكذب فيما ينقلونه ويسمعونه لكثرة العدد؛ ولذلك وقَع لنا العلم الضروري بصِدقهم فيما نقَلوه من وجود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن ظهور القرآن على يديه، وتحدِّيه به بالرسوخ والقوة والثقة، كعلم الإنسان بما نُقِل إليه من وجود بلدان كخرسان والمدائن وغيرهما، ومثل ذلك من الأخبار الظاهرة والمتواترة.
إذًا فالقرآن معجزة نبيِّنا الباقية، وبه قامت الحجة السماعية، فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 6].
فأوقَف الله – عز وجل – الأمر على سماعه؛ ليكون حُجة على مَن سمِعه، ولا يكون ذلك إلا وهو معجزة إلى يوم القيامة؛ ولذلك قال الله تعالى تحدِّيًا لِمَن سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينزل عليه آيات من ربِّه: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ* أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [العنكبوت: 50، 51].
فتحدَّى الله – جل جلاله – البشر جميعًا – فضلاً عن تحدِّيه لهؤلاء – بأن هذه هي أعظم المعجزات الكافية لدَحْض دعواهم، والباقية إلى يوم القيامة، وأما معجزات الأنبياء – عليهم السلام – الآخرين، فانقرَضت بمُضيِّهم، أو دخَلها التغيير.
[1] مقدمة القرطبي (1/ 86) في تفسيره؛ بتصرُّف.

[2] الوحي: يشمل وحيين: وحي باللفظ، وهو القرآن الكريم كلام الله المعجز، ووحي بالمعنى، وهو السُّنة، وكلاهما وحي حُكمًا؛ قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، وقد مضى أهل العلم على أن ذلك يشمل القرآن والسنة؛ انظر: تفسير الرازي (2/ 357)، كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [النساء: 113].

تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

0 التعليقات:

آخر المواضيع



أذكر الله



تابعني في Google+

قصص الأنبياء والرسل





الخلفاء الراشدين

المقدمة

 لحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، وبعد: تتناول هذه الدراسة موضوعًا شائكًا في التاريخ الإسلامي المبكر، يعد من أهم الموضوعات في مجال البحث العلمي >>>>>>>>

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي ، ولد بمكة ونشأ سيداً من سادات قريش ومحيطاً بأنساب القبائل وأخبارها . وكانت العرب تلقبه بعالم قريش ، حرم على نفسه الخمر في الجاهلية فلم يشربها . اشتغل بالتجارة وجمع ثروة كبيرة صار بها من أثرياء قريش

   الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوي . ثانى الخلفاء الراشدين وأول من لقب بأمير المؤمنين . كان فى الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم وله السفارة فيهم ، ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قائلاً : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك ( عمر بن الخطاب أو أبى جهل )

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7

عثمان بن عفان رضي الله عنه

هو أبو عبد الله عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية القرشى الأموى أمير المؤمنين . ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة ورابع من دخل فى الإسلام . زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية ، وهاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة .

الجزء 1  الجزء 2 الجزء3 

على بن أبى طالب رضي الله عنه

هو أبو الحسن علي بن أبى طالب بن عبد المطلب الهاشمى القرشى . أمير المؤمنين ، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة وابن عم النبى صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء ووالد الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5



الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى

الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى
يقول الأستاذ الدكتور/ وهبة الزحيلي: ولقد بدأت نواة المذاهب في عصر الصحابة.... فكان - مثلاً - مذهب عائشة،

الامام مالك بن أنس رحمه الله
اجتمعت الأسرة الصغيرة ذات مساء. كما تعودت بعد كل صلاة عشاء. تتذاكر أمور الحياة والدين فيحكي الأب عما صادفه وجه النهار في متجره الصغيرة الذي يبيع فيه الحرير، وعما

الإمام الشافعي رحمه الله
على الرغم من أن الإمام الشافعي لم يكن قاضيا في مصر قط، فإن أهل مصر يسمونه "قاضي الشريعة" .. ومازال العديد من أصحاب الحاجات الذين لم ينالوا حظا من التعليم

الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
صامت يطيل السكوت والتأمل، حزين يكاد لا يبتسم، وفي وجهه مع ذلك البشاشة وعلى قسامته الرضا، لا يتكلم إلا إذا سئل فلا يبتدر أحدا بحديث .. حتى إذا جلس

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر