أهمية الإيمان

إن أفضل الأعمال عند الله وأزكاها هو الإيمان؛ لما رَوى أبو ذر رضى الله عنه من سؤاله لرسول الله ﷺ بقوله " يارسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال ﷺ: الإيمان بالله والجهاد في سبيله" (رواه مسلم) وهو سبب للهداية والسعادة الدنيوية والأخروية، لقوله جل وعز{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] والإيمان صارف للمؤمن عن المعصية، لقوله جل وعز{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] الإيمان شَرط لقبول العمل، قال الله تعالى{ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] ،فالإيمان الخَالِص يُبارك الله به العمل، ويتقبل به الدعوات.



بلاغ عام






موقف المسلم تجاه العاصي






الذكتور محمد راتب النابلسي

بسم الله الرحمن الرحيم

نكران الذنب على صاحبه
بادئ ذي بدء هناك معانٍ دقيقة ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام تتعلق بإنسان لم يرتكب ذنباً، ولكن أخاه ارتكب الذنب، فقال عليه الصلاة والسلام:
الذنب شؤم على غير فاعله، إن عيّره ابتلي به، وإن اغتابه أثم، وإن رضي به شاركه
[أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس]
وأنت لم تفعل الذنب، لكن أخاك الذي فعل الذنب، لو أنك قلت: فلان فعل كذا! أيجوز أن يفعل! إذا شهرت به، وطعنت في استقامته، وجعلته مضغة في الأفواه، فأنت قد اغتبته بهذه الطريقة، فجاءك من ذنبه شؤم، أما إذا قلت: والله فعل ما ينبغي أن يفعل فقد رضيت له الذنب، وقد قال العلماء: لو غبت عن معصية فرضيتها كنت كمن شهدها، فلم تنكرها، لو أن معصية وقعت في أمريكا أو في الصين أو في اليابان، وقلت: نِعمَ ما فعل فأنت رضيت بها، وكأنك شهدتها، ولم تنكرها، فمن غاب عن الذنب ورضيه كان كمن شهده، ومن شهد ذنباً فأنكره كان كمن غاب عنه، فحينما ترضى بالذنب تكون قد شاركت صاحبه في الإثم إذاً ما لك من الشؤم، وحينما تعيره تبتلى به، أين عقله ؟ كيف فعل هذا؟ اشكر الله عز وجل أنه نجاك من هذا الذنب، القصة أنك ينبغي أن توحد.
تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله
من أدق ما قرأت في بعض الأحاديث :
ألا أخبرك بتفسير لا حول ولا قوة إلا بالله؟ لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله
[أخرجه ابن النجار عن ابن مسعود]
ألا نقول نحن في الفاتحة كل يوم في أثناء صلواتنا:
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
ألم يقل سيدنا يوسف عليه السلام:
(وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ)
[سورة يوسف الآية : 33]
إذاً لا حول عن معصيته إلا به، ولا قوة على طاعته إلا به.
التستر على ذنوب الناس
img فأنت حينما ترى أخاك قد أذنب ينبغي ألا تفضحه، ينبغي أن تستره، ينبغي أن تتخلق بكمال الله، الله من اسمه الستِّير، ينبغي أن تنصحه بينك وبينه، لا على ملإ من الناس وحينما يرتكب أخوك ذنباً فينبغي ألا ترضى به، إن رضيت به شاركته في الإثم، لو أنه كسب مالاً حرامًا فلا ينبغي أن تقول: نِعمَ ما فعل، هذا كلام في تضيع للحق، أن تستنكره، لا أن ترضى بعمله، ولو أنه ارتكب ذنباً فعيّرته، واحتقرته، كيف تفعل هذا؟ أنت معصوم؟ أسال الله عز وجل أن يحفظك من هذا.
لذلك:

الذنب شؤم على غير فاعله، إن عيره ابتلي به، وإن اغتابه أثم، وإن رضي به شاركه
فكيف بصاحب الذنب الذي وقع في الذنب إذا كان للذنب مضاعفات لمن لم يرتكب الذنب، فكيف بالذي ارتكبه؟ الظلم ظلمات يوم القيامة، هذه حقيقة، فنحن حينما نرى أخاً لنا قد أذنب أول شيء ينبغي أفعله أن أتوجه إليه على انفراد ناصحاً له بكل معاني الرقة واللطف.
سيدنا عمر بلغه أن أحد أصحابه شرب الخمر وسافر إلى الشام، أرسل له كتابًا فيه: “أما بعد؛ فإني أحمد الله إليك، غافر الذنب، قابل التوب، شديد العقاب، فقرأ صاحبه الكتاب وصار يبكي، حتى حمله هذا الكتاب على التوبة، فقال رضي الله عنه: هكذا اصنعوا بأخيكم إذا ضل، لا تكونوا عوناً للشيطان عليه، ولكن كونوا عوناً له على الشيطان”.
النصيحة لا الفضيحة
فأنا أول مهمة لي إن رأيت أخي قد أذنب أنصحه فيما بيني وبينه، والنصيحة شيء، والفضيحة شيء آخر، هذا الموقف الأول، مقابل من ذكره فقد اغتابه، الموقف الكامل الثاني أنا لا أقره على ذنبه، أنا أرى أن هذا خطأ كبير، هؤلاء الذين رأوا قارون بماله وملكه قالوا :
(يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً)
[سورة القصص الآية: 79 ـ 80]
إذاً أنا لا ينبغي أن أقره على ذنبه، ينبغي أن أنصحه، وهنا يحضرني تعريف دقيق للعاطفة العميقة والسطحية، أنت إذا دخلت إلى بيت، وكان دخْلُ صاحب هذا البيت من مال حرام، عنده ملهى، أو عنده تجارة مخدرات ـ لا سمح الله ولا قدر ـ هل تحترمه على بيته الفخم، وعلى أثاثه الرائع؟ لا، العاطفة السطحية أن أحترمه لفخامة بيته، والعاطفة العميقة أن أحتقره، لأن كسبه حرام، وهذا مبني على شقاء الآخرين، فأنا حينما أرى إنسانًا يرتكب ذنبًا، وهو في مكانة علية فلا ينبغي أن أوقره على هذه المكانة، لأن الذنب سوف يجعله عند الله من الساقطين .
من عير ابتلي
img الموقف الثالث: فمن عيّره ابتلي به، لا ينبغي أن أعيره، ينبغي أن أتوجه إلى الله أن يحفظني من هذا الذنب، فهناك أذكى مني يرتكب أكبر الذنوب، وهناك إنسان له ثقافة دينة يرتكب الذنب، فأنا حينما أرى إنسانًا ارتكب الذنب أتوجه إلى الله عز وجل أن يحفظني من هذا الذنب، إذاً أنا أنصحه فيما بيني وبينه، ولا أقره عليه، ولا أوقره على ما كان من دنياه ثم في النهاية ينبغي ألاّ أعيّره، بل أسال الله جل جلاله أن يحفظني من الوقوع في هذا الذنب .

 

والحمد الله رب العالمين
 

تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

0 التعليقات:

آخر المواضيع



أذكر الله



تابعني في Google+

قصص الأنبياء والرسل





الخلفاء الراشدين

المقدمة

 لحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، وبعد: تتناول هذه الدراسة موضوعًا شائكًا في التاريخ الإسلامي المبكر، يعد من أهم الموضوعات في مجال البحث العلمي >>>>>>>>

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي ، ولد بمكة ونشأ سيداً من سادات قريش ومحيطاً بأنساب القبائل وأخبارها . وكانت العرب تلقبه بعالم قريش ، حرم على نفسه الخمر في الجاهلية فلم يشربها . اشتغل بالتجارة وجمع ثروة كبيرة صار بها من أثرياء قريش

   الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشى العدوي . ثانى الخلفاء الراشدين وأول من لقب بأمير المؤمنين . كان فى الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم وله السفارة فيهم ، ينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو قائلاً : اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك ( عمر بن الخطاب أو أبى جهل )

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7

عثمان بن عفان رضي الله عنه

هو أبو عبد الله عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية القرشى الأموى أمير المؤمنين . ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة ورابع من دخل فى الإسلام . زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية ، وهاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة .

الجزء 1  الجزء 2 الجزء3 

على بن أبى طالب رضي الله عنه

هو أبو الحسن علي بن أبى طالب بن عبد المطلب الهاشمى القرشى . أمير المؤمنين ، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة وابن عم النبى صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء ووالد الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة

  الجزء 1  الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5



الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى

الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى
يقول الأستاذ الدكتور/ وهبة الزحيلي: ولقد بدأت نواة المذاهب في عصر الصحابة.... فكان - مثلاً - مذهب عائشة،

الامام مالك بن أنس رحمه الله
اجتمعت الأسرة الصغيرة ذات مساء. كما تعودت بعد كل صلاة عشاء. تتذاكر أمور الحياة والدين فيحكي الأب عما صادفه وجه النهار في متجره الصغيرة الذي يبيع فيه الحرير، وعما

الإمام الشافعي رحمه الله
على الرغم من أن الإمام الشافعي لم يكن قاضيا في مصر قط، فإن أهل مصر يسمونه "قاضي الشريعة" .. ومازال العديد من أصحاب الحاجات الذين لم ينالوا حظا من التعليم

الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
صامت يطيل السكوت والتأمل، حزين يكاد لا يبتسم، وفي وجهه مع ذلك البشاشة وعلى قسامته الرضا، لا يتكلم إلا إذا سئل فلا يبتدر أحدا بحديث .. حتى إذا جلس

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر

الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله
فالإمام أبو حنيفة النعمان قيل عنه: ((من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عالة على أبي حنيفة)) يعني أنّ أبا حنيفة يقع في قمة الفقهاء، ليس غريباً: أن نرى أن مذهبه انتشر