الذكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
أولويات الإنسان في هذه الدنيا هي طلب العلم:
الحقيقة كيان الإنسان عقلٌ يدرك، وقلبٌ يحب، وجسمٌ يتحرك، العقل يشير إلى أن الله أودع في الإنسان قوةً إدراكية، وما لم تلبَ هذه القوة الإدراكية بالعلم يهبط الإنسان عن مستوى إنسانيتهُ إلى مستوىً لا يليق بهِ، قال تعالى:
(إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)
[سورة الفرقان]
(كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ)
[سورة المنافقون الآية: 4]
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا)
[سورة الجمعة الآية:5]
فهناك أوصاف في القرآن الكريم لمن عطل عقله، ولمن التفت إلى شهوته، ولمن غفل عن سرّ وجوده، وعن غاية وجوده.
فالإنسان عقلٌ يدرك أي أن الله أودع فيه قوةً إدراكية، وقد نسمي حاجة العلم الحاجة العليا في الإنسان، فإذا لباها ارتقى إلى مستوى يليق به، الحقيقة تلبى هذه بطلب العلم، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً، ويظل المرءُ عالماً ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنه قد علم فقد جهل.
العلم أكبر قيمة في حياة الإنسان:
الإنسان عقلٌ يدرك، وأي إنسانٍ لا يبحث عن الحقيقة، ولا يسعى لها، ولا يضع كل جهوده في الوصول إليها، إنسان غفل عن أخطر شيءٍ فيه، القوةُ الإدراكية، والناحية العلمية التي ترفع الإنسان، قال تعالى:
(هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)
[سورة الزمر الآية:9]
(َرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)
[سورة المجادلة الآية:11]
و فرقٌ كبيرٌ كبير وشاسعٌ شاسع بين من يعرف ومن لا يعرف، بين العالم وبين الجاهل، الجهلة كمٌ كبير لا وزن لهم عند الله.
الإمام عليٌ رضي الله عنه يقول:
الناس ثلاثة ؛ عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق
هذا ثقافة القطيع، كمٌ كبير لا يقدم ولا يؤخر.
الأمةُ بالمتفوقين، بالعلماء، لذالك العلم أكبر قيمة في حياة الإنسان.
وجوب ارتباط الإيمان بالعلم:
أتابع نص سيدنا علي:
الناس ثلاثة ؛ عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع لم يستضيئوا بنور، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق، فاحذر يا كميل أن تكون منهم
أي بحياة الإنسان جانب عقلي ما لم يلبَ هذا الجانب بطلب العلم، بطلب المعرفة، بمعرفة المنهج، بمعرفة الله عز وجل، بمعرفة حقيقة الإنسان، يهبط الإنسان بمستواه.
أقول لك: الإنسان لابد له من أن يملك تصوراً صحيحاً عن حقيقة الكون، وعن حقيقة الحياة الدنيا، وعن حقيقة الإنسان، يملك هذا التصور إذا اتبع هدى الله.
(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)
[سورة طه الآية:123]
لا يضل عقله ولا تشقى نفسه.
(فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
[سورة البقرة]
(فمن اتبع هداي)
لا يضل عقله و لا تشقى نفسه
(فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
لو جمعنا الآيتين الذي يتبع هدى الله لا يضل عقله و لا تشقى نفسه ، و لا يندم على ما فات ولا يخشى مما هو آت، فماذا بقي من سعادة الدنيا والآخرة ؟ فالعقل أحد أركان الإنسان، يلبى بطلب العلم، والعلم قوام حياة الإنسان، والناس رجلان عالمٌ ومتعلم، ولا خير فيما سواهم، كن عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو محباً، ولا تكن الخامسة فتهلك، أعدى أعداء الإنسان الجهل، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به.
أنا أقول لك بصراحة: هناك أعداء تقليديون للأمة، هؤلاء ليسوا أعداءها الحقيقيين، أعداء الأمة الحقيقيون هم الجهال، لأن الجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، هذا عن العقل الذي يدرك وغذاؤه العلم، وقيمته في حياة الإنسان.
والحمد الله رب العالمين