الأمثال في القرآن 4
الأمثال من سور العنكبوت إلى التحريم
- سورة العنكبوت :
31-
{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ
الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ
لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}
(الآية 41)
هذا مثل
ضربه الله تعالى للمشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله يرجون نصرهم
ورزقهم ويتمسكون بهم في الشدائد فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه
ووهنه فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت فإنه
لا يجدي عنه شيئا فلو علموا هذا الحال لما اتخذوا من دون الله أولياء
وهذا بخلاف المسلم المؤمن قلبه لله وهو مع ذلك يحسن العمل في اتباع
الشرع فإنه متمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها لقوتهـا وثباتها.
- سورة الروم : 32- { ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (الآية 41)
هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين العابدين معه غيره الجاعلين له شركاء
وهم مع ذلك معترفون أن شركاءه من الأصنام والأنداد عبيد له ،كما كانوا
يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. والمعنى أن
الله تعالى ضرب مثلا لكم -أيها المشركون -من أنفسكم: هل لكم من عبيدكم
وإمائكم مَن يشارككم في رزقكم, وترون أنكم وإياهم متساوون فيه,
تخافونهم كما تخافون الأحرار الشركاء في مقاسمة أموالكم؟ إن أحدكم يأنف
من ذلك ، فكيف ترضون بذلك في جنب الله بأن تجعلوا له شريكًا من خلقه!
- سورة الزمر:
33-
{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ
وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ
لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } (الآية
29)
ضرب الله
مثلا عبدًا مملوكًا لشركاء متنازعين أي يتنازعون في ذلك العبد المشترك
بينهم فهو حيران في إرضائهم, وعبدًا خالصًا لمالك واحد يعرف مراده وما
يرضيه, هل يستويان مثلا؟ كذلك لا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله
والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له فأين هذا من
هذا؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : هذه الآية ضربت مثلا للمشرك
والمخلص . ولما كان هذا المثل ظاهرا بينا جليا قال "الحمد لله" أي على
إقامة الحجة عليهم "بل أكثرهم لا يعلمون" أي فلهذا يشركون بالله.
- سورة محمد:
34-
{رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ
نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}(الآية
20)
قول تعالى
مخبرا عن المؤمنين أنهم تمنوا شرعية الجهاد فلما فرضه الله عز وجل وأمر
به نكل عنه كثير من الناس فلما أُنزِلت سورة محكمة بالبيان والفرائض
وذُكر فيها الجهاد، رأيت الذين في قلوبهم في قلوبهم شك في دين الله
ونفاق ينظرون إليك -أيها النبي- نظر
المغشي عليه من الموت" أي من فزعهم ورعبهم وجبنهم من لقاء الأعداء.
- سورة الفتح:
35-
{ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ
كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى
سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}
(الآية 29)
وصفتهم في
الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه, ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك, وشدت
الزرع فقوي واستوى قائمًا على سيقانه جميلا منظره يعجب الزُّرَّاع؛
ليَغِيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار. أي فكذلك
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم آزروه وأيدوه ونصروه فهم معه
كالشطء مع الزرع "ليغيظ بهم الكفار" . قال مالك رضي الله عنه بلغني أن النصارى
كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون والله
لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا ، وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة
في الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
. ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله في رواية عنه
بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم قال لأنهم يغيظونهم
ومن غاظه الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية.
- سورة الحديد:
36-
{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ
وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ
فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ
شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
(الآية 20)
ضرب تعالى مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية ونعمة زائلة فقال
"كمثل غيث" وهو المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس
يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث وكما يعجب الزراع ذلك كذلك
تعجب الحياة الدنيا الكفار فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها.
ثم ما يلبث أن يهيج ذلك الزرع فتراه مصفرا
بعدما كان خضرا نضرا ثم يكون بعد ذلك كله حطاما أي يصير يبسا متحطما
هكذا الحياة الدنيا تكون أولا شابة ثم تكتهل ثم تكون عجوزا شوهاء
والإنسان يكون كذلك في أول عمره وعنفوان شبابه غضا طريا لين الأعطاف
بهي المنظر ثم إنه يشرع في الكهولة فتتغير طباعه ويفقد بعض قواه ثم
يكبر فيصير شيخا كبيرا ضعيف القوى قليل الحركة يعجزه الشيء اليسير. ولما كان هذا
المثل دالا على زوال الدنيا وانقضائها وفراغها لا محالة وأن الآخرة
كائنة لا محالة حذر من أمرها ورغب فيما فيها من الخير فقال "وفي الآخرة
عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور"
أي وليس في الآخرة الآتية القريبة إلا إما هذا وإما هذا: إما عذاب شديد
وإما مغفرة من الله ورضوان. وقوله تعالى "وما الحياة الدنيا إلا متاع
الغرور" أي هي متاع فانٍ ، ومن ركن إليه فإنه يغتر بها وتعجبه حتى
يعتقد أن لا دار سواها ولا معاد وراءها وهي حقيرة قليلة بالنسبة إلى
الدار الآخرة.
- سورة الحشر:
37-
{ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا
كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ
الْعَالَمِين}
(الآية 16)
مثل هؤلاء
اليهود في اغترارهم بالذين وعدوهم النصر من المنافقين وقول المنافقين
لهم لئن قوتلتم لننصرنكم ثم لما حقت الحقائق وجد بهم الحصار والقتال
تخلوا عنهم وأسلموهم للهلكة مثالهم في هذا كمثل الشيطان إذ سول للإنسان
- والعياذ بالله - الكفر فإذا دخل فيما سوله له تبرأ منه وتنصل وقال
"إني أخاف الله رب العالمين".
- سورة الجمعة :
38-
{ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا
كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ }
(الآية 16)
يقول
تعالى ذاما لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها ثم لم يعملوا
بها مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا أي كمثل الحمار إذا حمل كتبا
لا يدري ما فيها فهو يحملها حملا حسيا ولا يدري ما عليه وكذلك هؤلاء في
حملهم الكتاب الذي أوتوه حفظوه لفظا ولم يتفهموه. ولا عملوا بمقتضاه بل
أولوه وحرفوه وبدلوه فهم أسوأ حالا من الحمير لأن الحمار لا فهم له
وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى "أولئك
كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون" وقال تعالى ههنا "بئس مثل القوم
الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين".
- سورة التحريم :
39-
{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ
وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا
صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ
شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ }
(الآية 10)
"ضرب
الله مثلا للذين كفروا" أي في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم أن ذلك
لا يجدي عنهم شيئا ولا ينفعهم عند الله إن لم يكن الإيمان حاصلا في
قلوبهم ثم ذكر المثل فقال "امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من
عبادنا صالحين" أي نبيين رسولين عندهما في صحبتهما ليلا ونهارا
يؤاكلانهما ويضاجعانهما ويعاشرانهما أشد العشرة والاختلاط "فخانتاهما"
أي في الإيمان لم يوافقاهما على الإيمان ولا صدقاهما في الرسالة فلم
يجد ذلك كله شيئا ولا دفع عنهما محذورا ولهذا قال تعالى "فلم يغنيا
عنهما من الله شيئا" أي لكفرهما "وقيل" للمرأتين "ادخلا النار مع
الداخلين" وليس المراد بقوله "فخانتاهما" في فاحشة بل في الدين فإن
نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء.
40-
{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ
إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ }
(الآية 11)
وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين أنهم لا
تضرهم مخالطة الكافرين إذا كانوا محتاجين إليهم كما قال تعالى "لا يتخذ
المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله
في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة" . قال قتادة كان فرعون أعتى أهل الأرض
وأكفرهم فو الله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها ليعلموا أن
الله تعالى حكم عدل لا يؤاخذ أحدا إلا بذنبه.
|
0 التعليقات: